الموقع
جمهورية جيبوتي
الموقع
تقع جيبوتي على رأس القرن الأفريقي المطل على خليج عدن
ومضيق باب المندب والبحر الأحمر. وهي لموقعها هذا تمتاز بأهميتها. إضافة إلى ذلك
فإن فيها أكبر قاعدة عسكرية فرنسية خارج فرنسا. وهي تستخدمها لتعزيز نفوذها في
القارة الأفريقية وللتدخل السريع حيث تدعو الحاجة
تحدها من الشمال أرثيريا ومن الغرب تحيط بها أثيوبيا ومن الجنوب
تحدها الصومال ومن الشرق يحدها البحر الأحمر حيث يبلغ طول شاطئها 370 كلم.
تبلغ مساحة جيبوتي 23,200 كلم2. عاصمتها مدينة جيبوتي التي حلت
محل أوبوك كعاصمة للساحل الصومالي الفرنسي. وقامت بدور المنفذ التجاري الأهم
لأثيوبيا. إلى جانب جيبوتي هناك أيضاً: مدينة علي صبية: التي تضم نحو 50 ألف نسمة
وهي تبعد عن العاصمة حوالي 98 كلم. تاجورة:
يبلغ عدد سكان دولة جيبوتي حوالي 675 ألف نسمة. ويتوزع السكان بين
قبيلتين كبيرتين: العفر أو الدناقل وهؤلاء يمتون بصلة إلى الأثيوبيين. والعيسى
الذين يمتون بصلة الى الصوماليين.
نبذة تاريخية:
يعتبر قدماء المصريين أول من أقام علاقات مع هذا الجزء من العالم،
إذ أن أول بعثة مصرية بحرية إلى هذه المنطقة كانت في الألف الثالث ق.م. خلال حكم
فرعون مصر بيبي الأول. إلا أن علاقات القرن الأفريقي مع جنوب غربي شبه الجزيرة
العربية أكثر ثباتاً من علاقاته بالمصريين. فقد نزحت قبائل سامية من جنوبي الجزيرة
العربية في موجات متعاقبة عبر البحر الأحمر. انصهرت ونتج عن ذلك حضارة أكسوم. ومع
مجيء الإسلام، فقد كانت هذه الأراضي لقربها من الشرق إحدى أول المحطات لنشر الدين
الجديد بين القرن الثامن والعاشر حيث شكلوا سلطنات وممالك إسلامية منها إمارة «عدل»
التي يفخر أهالي جيبوتي بها لكونها إمارة أجدادهم. وكانت دولة مسيحية قبطية قد
تكونت على المرتفعات عرفت بـ«الامبراطورية الحبشية».
بقيت هذه المناطق معزولة لمدة قرون إلى أن بدأ التوسع الأوروبي
الاستعماري يتجه نحوها. وكان العثمانيون والمصريون يسيطرون على شواطىء البحر
الأحمر، وبعد فتح قناة السويس عام 1869 أصبحت هذه السواحل متنافساً عليها من قبل
الأوروبيين. وكانت بريطانيا قد ظهرت كقوة بحرية كبيرة بعد هزيمة نابليون في
معركة واترلو 1815 في فبدأت بتدعيم المواقع والنوافذ التي تتحكم بالبحر الأحمر
وطريق الهند فأسرعت إلى شراء جزيرة في مدخل تاجورة جيبوتي. وبعد احتلال بريطانيا
لمصر بعامين 1884 احتلت ميناءي زيلع وبربرة وأتبعتهما بمحمية الصومال 1827م. وفي
العام الذي احتلت فيه بريطانيا عدن ارسلت فرنسا إحدى بوارجها بهدف السعي لشراء قطعة
أرض على ساحل أفريقيا الشرقي. وقد تمكنت في عام 1862 من اقناع زعماء العفر (الدناقل)
في جيبوتي ببيع ميناء أوبوك على الساحل الشمالي لخليج تاجورة.
الاستعمار الفرنسي:
بعد احتلال بريطانيا لمصر، اقتسمت أملاكها في أفريقيا كل من
بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وبليجكا وأثيوبيا. فتوسع الفرنسيون بالاستيلاء على تاجورة
وبقية الأراضي التي تشكل جمهورية جيبوتي الآن.
وفي عام 1892 اتخذ الحاكم الفرنسي للمستعمرة قراراً بالبدء في
تشييد مدينة جيبوتي التي أصبحت مقراً للإدارة الاستعمارية الفرنسية. وقد أصبحت هذه
المستعمرة تعرف باسم الصومال الفرنسي منذ عام 1896م. وبقي هذا الإسم متداولاً حتى 3
تموز 1967 حين أطلقت الادارة الفرنسية عليه اسم «الاقليم الفرنسي للعفر والعيسى».
بدايات التحرك الشعبي:
بعد الحرب العالمية الثانية قويت الحركة العمالية في
الصومال الفرنسي (جيبوتي) [بعد انشاء خط سكة الحديد الذي يربط جيبوتي بأديس أبابا
وكذلك الميناء الجديد] وقد ساعد في تقوية الحركة العمالية ما كان يتنامى من حركة
نضال سياسي من أجل الاستقلال التي كانت قد بدأت في الصومال البريطاني والصومال
الإيطالي.
فاضطرت الادارة الفرنسية أن تسمح للعمال بتكوين نقابة تضم عمال الميناء والسكة
الحديدية وتزعم هذه النقابة محمود حربي الذي كان زعيماً سياسياً ومؤسساً لـحزب
الاتحاد الديمقراطي عام 1948. وقد حاول محمود حربي ترشيح نفسه لانتخابات المجلس
الوطني الذي أقامته فرنسا نتيجة للضغوط، إلا أنها عملت جهدها في حصر نشاطه
ومحاربته. فهرب محمود إلى مقديشو حيث أسس حزباً جديداً يهدف إلى تحقيق وحدة الصومال
بكل أقسامه غير أنه قتل في حادث طائرة أثناء رحلته من جنيف إلى القاهرة في تشرين
أول 1961، في وقت كانت حركات التحرر في العالم تسير بخطى ثابتة وخاصة في الجزائر.
وفي عام 1960 كان الصومال الإيطالي والصومال الإنكليزي قد حصلا على استقلالهما
وتوحدا في دولة واحدة عاصمتها مقديشو. أما الصومال الفرنسي (جيبوتي) فقد ساده
التوتر واتبعت فرنسا سياسة التفرقة بين قبائل العفر وقبائل العيسى. والتحالف مع
نظام هيلاسي لاسي حتى أصبحت مدينة جيبوتي سجناً كبيراً. فبدأت الأحزاب السياسية
تتكون وتتحرك، فعلي عارف كون حزبه العفري «الاتحاد الوطني للاستقلال». ثم تكون حزب
«الرابطة الشعبية الأفريقية للاستقلال» وضم حركتين واحدة عفرية وأخرى من العيسى.
وهذا الحزب هو الذي قاد البلاد إلى الاستقلال مع العلم أن شعب جيبوتي مؤلف من هاتين
القبيلتين.
الاستقلال وما بعده:
بدأ موقف حزب الرابطة الشعبية يتحسن باستمرار و خاصة بعد
سقوط نظام هيلاسي لاسي في إثيوبيا عام 1974 فلجأت فرنسا لمواجهة التغيرات التي حدثت
في هذه المنطقة، وبعد عدة مشاورات قررت إجراء استفتاء انتخابات. وعملت فرنسا على
التفرقة بين قبيلتي العفر والعيسى. فتخلت عن علي عارف وحزبه الاتحاد الوطني (من
العفر) وفتحت المجال في حق التصويت لآلاف الصوماليين المقيمين في جيبوتي. وفي خلال
عام واحد انتقل عدد الناخبين من 52 ألفاً (57,6% من العفر) إلى 93 ألفاً 40% من
العفر و52,8% من العيسى). وفي 8 أيار 1977 جرى استفتاء أعقبه انتخابات نيابية فاز
فيها حزب الرابطة الشعبية (العيسى) بـ85% فتولى السلطة بعد الاستقلال في
27/حزيران/1977 وانتخب زعيمه حسن غوليد أبتيدون رئيساً للجمهورية. وقعت جيبوتي
معاهدة دفاع عسكري مع فرنسا للاحتفاظ بوجود عسكري على أرضها.
في الأشهر الأولى بعد الاستقلال بدأ نظام الحكم يعمد إلى إبعاد
العفريين من المراكز الحساسة في الدولة، هذا الأمر أدى أواخر 1977 إلى استقالة رئيس
الحكومة أحمد ديني وأربعة من وزرائه (وجميعهم من العفر) إضافة إلى اعتقال عدد من
شباب العفر بتهمة المساس بالأمن إلا أنه وبعد نجاح الهجوم الأثيوبي المضاد في
أوغادين ضد الصومال (أثيوبيا تدعم العفر والصومال يدعم العيسى) اضطر الرئيس حسن
لإيجاد حل وسط فشكل لجنة خاصة من العفر لتلبي مطالبهم برئاسة رئيس الحكومة عبد الله
كميل، وقد عملت الحكومة على إطلاق سراج أغلبية العفر المسجونين وإعادتهم إلى
مناصبهم لكن هذه العلاقة سرعان ما توترت من جديد بين الرئيس حسن غوليد العيسوي
ورئيس حكومته العفري عبد الله كميل. فحلت الحكومة في 21 أيلول 1978 وكلف عفري آخر
هو بركات حماد بتشكيل حكومة جديدة. وقد عمل حسن غوليد على تطوير العلاقات مع الدول
العربية بعدما أصبحت جيبوتي عضواً في جامعة الدول العربية. وفي 12 حزيران 1981 أعيد
انتخاب الرئيس حسن غوليد رئيساً للبلاد وكان المرشح الوحيد.
جيبوتي في العقد الأخير:
بقيت الأوضاع على ما هي عليه من الكر والفر بين النظام
الحاكم (العيسوي) والمعارضة (العفرية). وكانت عمليات الحبس على أشدها خاصة بعد
عمليات التفجير التي كانت تحدث بالبلاد وكانت الدولة تتهم المعارضة العفرية
بالمسؤولية المباشرة وفي محاولة منه لتهدئة الأوضاع، قام الرئيس حسن غوليد في 9
تموز 92 بإصدار عفو عام، لكن بعد 5 أيام حكم بالسجن على علي عارف لمدة عشر سنوات.
ثم أقيمت أول انتخابات تشريعية بعد اعتماد الدستور الجديد الذي
سمح بوجود أربعة أحزاب سياسية فقط، وكان حزب التجديد والديمقراطية هو المعارض
الوحيد الذي يشارك ولم يفز بأي مقعد، بل فاز حزب الدولة بكافة المقاعد.
وفي أذار 1993 استولى الجيش على مرفأ خور أنفار الذي يبعد 40 كلم
عن الحدود الحبشية. وهو أهم مركز اتصال للمعارضة بالخارج وذلك سعياً منها في تقليص
نفوذ المعارضة في المنطقة الشمالية. وقد كانت الحكومة الفرنسية قد أرسلت مبعوثاً هو
آلان فيفيان للقيام بوساطة بين الحكم والمعارضة لإنهاء هذا النزاع.
وفي 7 أيار 1993 أعيد انتخاب حسن غوليد رئيساً للبلاد في أول انتخابات رئاسية
تعددية قاطعتها «جبهة اعادة الوحدة والديمقراطية» المعارضة العفرية المسلحة. وقد
عمل الرئيس غوليد على المصالحة فدعا إلى لقاء مفتوح مع المعارضة و وكانت تطورات
العمليات العسكرية في شتى انحاء البلاد تميل لمصلحة الجيش الحكومي.
وفي 10 أيلول تجددت المعارك من جديد بين قوات النظام وقوات المعارضة العفرية
المسلحة. مع العلم أن قوات النظام قد لقيت دعماً قوياً من الفصائل الصومالية التي
لجأت إلى جيبوتي بعد قرار الأمم المتحدة تجريدها من السلاح. وقد حاولت المعارضة
الاتصال بسفراء كبار الدول ليضغطوا على النظام بسبب الاعتداءات التي تقوم بها على
المواطنين العفر. إلا أن الوضع استمر على ما هو عليه من معارك متقطعة مع سيطرة
واضحة للجيش الجيبوتي مع فشل كافة الوساطات لايجاد حلول سلمية لهذه الأزمة.
وفي مطلع العام 1994 حاولت فرنسا أن تضغط على النظام وذلك بإيقافها الالتزامات
المالية الواجب دفعها لجيبوتي حتى إجراء حوار فعال مع المعارضة العفرية.
وفي مطلع حزيران 1994 بدأت مفاوضات السلام بين الحكومة الجيبوتية
وأطراف من المعارضة المسلحة، وفي 9 تموز صدر بيان مشترك حدد عقد الجولة الأخيرة من
مفاوضات السلام في الأسبوع الأول من أيلول 1994 على أن تجري في مدينة جيبوتي بحضور
مراقبين من البعثات الدبلوماسية والهيئات الدولية. وفي كانون الأول من هذا العام
شهد حديثاً عن العلاقات الجيبوتية الإسرائيلية وعن كيفية تطبيع هذه العلاقات. كما
شهد هذا الشهر انقسامات بارزة في صفوف المعارضة المسلحة خاصة داخل جبهة الوحدة
والديمقراطية، إذ قام الأمين العام للجبهة المنشقة أوجوري كفلي بتوقيع اتفاقية سلام
مع الحكومة بينما أعلن رئيس هذه الجبهة أحمد ديني أن هذا الاتفاق لم توقعه الجبهة
بل وقعه أحد المنشقين عنها وأن هذا الاتفاق يستجيب لشروط الحكومة.
لقد ظل هذا الاتفاق ضعيفاً، مع أن الحكومة الجيبوتية حاولت إقناع الرأي العالمي بأن
التمرد في البلاد قد أنتهى وذلك بغية الحصول على المساعدات المادية، إلا أن الأحداث
والوقائع كانت تدل على غير ذلك تماماً وخاصة مع وجود اشتباكات بين الطرفين وإسقاط
المعارضة لطائرة مروحية عسكرية تابعة للجيش النظامي.
وفي نيسان 1996 وقعت اشتباكات بين القواتالأرتيرية والجيبوتية في منطقة رأس ذميرة
الاستراتيجية على حدود البلدين.وكانت إرتيريا قد أصدرت خارطة جديدة ضمت بموجبها 18
كلم2 من أراضي جيبوتي إلى أراضيها. وتوقفت الاشتباكات على أمل الوصول إلى حل سلمي
بين الطرفين.
وفي 12 أيلول من نفس العام وقعت الحكومتان الجيبوتية والأريترية اتفاقاً أمنياً.
في عام 1999 أعلن الرئيس حسن غوليد عدم ترشيحه للرئاسة لأسباب صحية، الأمر الذي فسح
المجال لفوز إسماعيل عمر جلاح مرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية وحاز على 74
في المائة من الأصوات.
|