كائن غريب ، يغسل وجه الشمس كل صباح ..
وأنا أعد أيام الانتظار على أصابعي كما يفعل الصغار الذين لا يتقنون الانتظار ..
واحـ د / إثنان / ثلاثة / خمسة / ستة / سبعة / أربعة / عشرة
وتنتهي أصابعي .. ، وأبدأ من جديد
في كل مرة أتذكر أني بحاجة لأصابع أخرى لأحسب كم مرة بدأت !
وهم هناك ..
دائما هناك كما في الوصايا تماما ..
كنت أعتقد أن أمي تحبني أكثر من بقرتها ولذلك كانت تخصني بالوصايا ، ثم عرفت أن كل ما في الأمر أنها كانت تثق فيها أكثر مني ..
كانت تخاف علي وعلى قلبي من أن يسرقه عابر ، بينما تثق أن بقرتها قادرة على الحفاظ على قلبها ، هذا كل ما في الأمر
..
كانت تقول دون أن تلتفت لي ..
لا تعر قلبك للغرباء ..
سيلهون به ، ويتسامرون حوله كموقد ..
يحرقونه يبحثون عن الدفء ، وعن نار يشوون عليها فضولهم ..
كل الذين أعاروا قلوبهم للغرباء أكلوا أصابعهم ندما ..
ولكني يا أمي لم آكل أصابعي بعد، ولم أعضها ندما ، أنا أعدها الآن فقط !
.
.
كلما سمعت ضحكة في الجوار شعرت بقلب أحدهم وهو يحترق ، لأن عابرا يتلذذ بدفئة ..ويضحك ..!
أوهموني أني حزين ..
مع أني كنت أضحك ..
أوهموني اني أسكن وحدي في مكان اختاروه لي ، فضحكت كطفل يا أمي ، فقالوا لا يليق بحزين مثلك أن يضحك !
ولا تسأل عن قلبك
لا يليق بمثلك أن يسأل عن أشياء تافهة ..!
ولا تعتقد ، ولا تظن ..
ولا تطمع بمكان ارحب من هذا العراء الذي تسكنه !
وقالوا أيضا يا أمي .. لا تخف ..
وأنا خائف من أن أخاف ..
كان المكان فسيحاً حد الرعب ..
وكنت أسكنه وحدي ..
هم قالوا هذا مكانك ،
لم يكن مكاناً يا أمي ، كان لاشيء ..
إنه أوسع " لاشيء " يمكن أن يسكنه أحد .. وبمفرده !
البرد يعبث بـ"كلي .
والغريب الذي غسل وجه الشمس هذا الصباح ..
يستعمل قلبي كمدفأة ..
ويضحك ..
كان كريما ككل الغرباء ..
ككل أولئك الذين أخبروني أنهم حين ينتهون من قلبي ويحل الخريف ..
سيعيدون لي ما تبقى منه ..
لو أنهم سمحوا لي بالسؤال لقلت ..
ماذا أفعل بقلبي إذا رحل الشتاء ..
.
.
وهم هناك ..
كما في الوصايا تماما ..
يهمون بالرحيل ..
وأنا لازلت هنا
كما لم تقل وصية من قبل ..
والشمس تتحسس وجهها المغسول ، وتضحك ..
وأنا أخاف أذا ضحكت
كي لا يمر عابر كانت أمه تثق في بقرتها أكثر منه ، ويعتقد أني أُقلب قلب أحدهم في مدفأتي !
ثم إنهم قالوا لي ..
لاتضحك !
.
.
فبكيت ..