مُراهَقَة
كانا يتسكعان بعد الدوام المدرسي ، هما صديقان و زميلان في الصف
الثاني الثانوي ، في الثالثة عشر من العمر ؛ لمحا تلميذتين في عمريهما
تقريبا خارجتين لتوهما من مدرستيهما ، نادى محمود " يا قمر !.. "
فالتفتت إحداهما ، فأكمل محمود متصنعا الغناء : " بص في عيني ، شوف
حبيبي و شوف جماله " ، فضحكت الفتاة و شاركتها زميلتها الضحك ، و لكنهما
تابعتا سيرهما مسرعتين .
ظن محمود و زميله أن الفتاتين تجاوبتا لغزلهما، فأصرا على متابعتهما ،
صعدتا الحافلة فصعدا وراءهما ، هبطتا منها فهبطا وراءهما ، غنى محمود
ثانية : " حبيبي .. كل ما فيك يا حبيبي حبيبي ، شعرك ليلي ، و ليلك قمري
، و حبك رحلة عمري و قدري .. " و لكن لم تلتفت أي منهما بل ضاعفتا
سرعتيهما حتى قاربت الهرولة .
صعدتا طريق الجبل ، جادة بعد جادة ، فصعداه وراءهما ، و عاد محمود
للغناء و هو يلهث : " مشغول عليك مشغول ، ما اقدر أغيب عنك " .
في الجادة الرابعة و على حين غرة دخلت الفتاتان دكان بقال ، ثم خرجتا
مسرعتين ، و قبل أن يهما بمتابعتهما ، خرج إليهما البقال و في يده عصا
غليظة .
" ألا تستحيان يا هذين ، أليست لكما شقيقات ، هل فقدتما نخوتكما و شرفكما
يا أولاد ..... ؟! " و هم بالإقتراب منهما ملوحا بعصاه ..
ارتبك محمود و هم بالفرار و لكن زميله سليم عاجلته فكرة :
" عمو أنا طالب قرب ، أمي تخطب لي و تبحث لي عن فتاة مناسبة ، و قد
أعجبتني تلك التي على اليمين ، فقط أردت معرفة دارها لأرشد والدتي
إليها ! و صديقي هذا ليس أكثر من مرافق "
هنا ، و أمام ذهول الصبيين .. تحول غضب البقال إلى قهقهة عالية ، و بعد
أن هدأ قليلا قال موجها كلامه لسليم ، و بصوت لا زال الضحك يقطعه :
" إذهب لأمك – يا روح أمك - و اطلب منها رضعة ! "