| الحلقة الثانية * * * * * * * * * فقال المحقق بهدوء بابتسامة مصطنعة : " مرحبا سيدي " فمد يداه الى جيبه و قام بإشعال غيلونا ثم قال : " ماذا تفعل في ايطاليا سيد دانيال ؟ " نظر دانيال الى الآنسة كليرا ثم أعاد نظره الى مستر بيروزي و قال : " أنا و مساعدتي سوف نزور روما الآن , لإلقاء دروس في الجريمة في الدراسات العليا لكلية الشرطة " أصدر مستر بيروزي صوت همهما ثم قال : " و متى سوف تغادر ايطاليا ؟؟ " فأجاب بعدم يقين : " لا اعلم ربما أسبوعان او أكثر " فقال رينالدو ببطء : " حسنا , سوف اعقد معك صفقة و أتمنى ان تقبل بها " فقال المحقق بتأني : " و ما هي هذه الصفقة ؟؟ " نظر رينالدو حول نظرة سريعة ثم التفت الى المحقق و قال : " احتاج رجل أمن يرافقني دوما , يكون لي حامي من الأعداء , يتصدى لمن يريد النيل مني " فقال باستغراب : " ماذا ؟؟ " فجاب مسرعا : " لا لا لا لا , أرجوك لا تفهمني خطأ " سكت ثم قال بهدوء : " هناك أناس يريدون قتلي , يريدون النيل مني , لأجل خطأ ارتكبته منذ ستة سنوات " و هنا عدل المحقق موضعه ثم قال بحذر : " أي خطأ هذا ؟؟ , ما الذي تتحدث عنه ؟ " ثم أضاف المحقق مسرعا : " اعتذر لك , ماذا تود ان اقدم لك من الشراب " فقال بيأس : " لا وقت لهذا ان حياتي معرضة للخطر " بينما الآنسة كليرا تراقب تلك الأحداث بشغف و تريد ان تشاطرهم الحوار و لكن لم يكن في وسعها ذلك , حتى قال لها : " يا آنستي , اذا كنتي تعلمين ان هناك شخص يريد النيل منك و يريد ان يفتك بك اليوم قبل الغد و لا تأخذين احتياطك تكوني اذن قد فقدت عقلك .. , أليس كذلك " ثم التفت الى المحقق مجددا و قال : " ماذا قلت سيدي , إذا وافقت سوف ادفع لك خمسة ألاف يورو شهريا , ماذا قلت ؟؟ " قالها و ابتسم ... فقال المحقق : " سيدي , لقد قلت انك في خطر و هناك أناس تريد النيل منكم , من هم ؟؟ " فجأة تقدم شاب طويل القامة مرتب و مهذب و يرتدي نظارة رفيعة , مال نحو مستر بيروزي و همس في آذانه ببضعة كلمات حتى نهض على الفور ثم نهض المحقق أيضا و مساعدته و قال لهما : " المعذرة عليّ الذهاب , انا في العربة الرابعة , أتمنى ان تفكر بالعرض جيدا , بعد إذنكم " و غادر مع هذا الشاب دون ان ينظر إليهما ... التفت المحقق الى مساعدته و قال : " هذا غريب " ضحكت الآنسة كليرا و قالت : " لا عجب من هؤلاء البشر " و بعد مرور الدقائق الأخيرة صعد المحقق و مساعدته القطار للتحرك نحو روما ... أصدر القطار صفارته و انطلق متجه نحو روما .... بينما المحقق يجلس في مقعد منعزل و مشتت التفكير , يحاول معرفة أكثر عن هذا الرجل , حتى ترك مقعده و جلس مع مساعدته و صديقه المخبر و ريناتو و عرض الأمر عليهم فقال الأخير له : " دعك من هذا الرجل , يبدو ان به جنة " فقال المحقق على الفور : " لا , يبدو حقا ان هناك من يخطط لمقتله " حتى سمع فجأة صوت رجل يصرخ و حالة من الهلع في عربات القطار حتى رأى رجل بزي العاملين فأمسكه و قال : " ماذا هناك ؟؟ " فوقف بسرعة و التقط نفسه ثم قال بتقطع : " هناك رجل مـُسن في العربة الرابعة قد توفيّ للتو " اصفر وجه و ارتعدت يداه و قال بصراخ يعلو صوت الركاب : " مااااذا ؟ " فتركه و ركض مسرعا نحو العربة الرابعة فلحقت به مساعدته و صديقه الإيطالي , فظل يركض و يركض و يرتطم بالركاب و يعتذر لهم دون النظر إليهم حتى وصل العربة الرابعة فوجد مستر بيروزي ملقي رأسه على الطاولة و أمامه صحن عليه قطعة دجاجة و صحن آخر من شوربة و كأس من الماء يملأه النصف .... أصبح جميع الركاب في حالة ذهول من موقف , فقال المحقق للشاب الذي رآه معه بصراخ : " ماذا حدث , أخبرني ؟؟ " حاول ان يتمالك نفسه ثم بلع ريقه و قال بهدوء : " انا كنت في دورة المياة , عندما عدت رأيته ملقى هكذا " فأقترب المحقق من الضحية و قال كأنه يحدث نفسه : " ماذا حدث هنا " ثم سمع صوت زميله المخبر ريناتو يقول للركاب : " من فضلكم يا سادة أرجو من الجميع التوجه إلى مقاعدكم الآن " فنظر المحقق خلفه و قال له : " اطلب الشرطة فورا " تعجب المخبر ريناتو ثم قال : " و أنت ما دورك هنا ؟ " اقتربت الآنسة كليرا كي تشاركهم الحوار فقالت له : " ايها المخبر ريناتو , لا وقت لهذا الآن , اخبر سائق القطار ان يتوقف و اتصل بالشرطة كي تأتي للتحقيق " بينما المحقق يحاول ان يفحص الجثة ف قال كأنه يحدث نفسه : " لا يوجد بقايا طعام في عنقه " ثم نظر إليه بشدة و قال : " يجدر بك ان تتصل بالشرطة , أنا انتظرك في عربتي " و انطلق مسرعا نحو العربة الثانية بينما المخبر ريناتو ظل يصرخ و يقول : " انتظر , انتظر ! " ثم التفت مسرعا الى الشاب و قال : " لا تدع احد يقترب من هنا , و لا تلمس أي شيء " ثم لحق بالمحقق دانيال ... جلس ريناتو أمامه في المقعد المباشر له و قال : " ما هي مشكلتك ؟ " ثم نظر الى ساعة يده و قال : " باقي على وصول القطار ساعة و نصف ... " فقاطعه المحقق مسرعا : " لماذا لا تحقق أنت في موته ؟؟ " ثم أضاف : " يجب وصول الشرطة كي لا ندخل أنفسنا في مسؤولية كهذي " فقال المخبر ريناتو : " أنا مجرد مخبر غير مخول للتحقيق في جرائم القتل و السطو , ثم ... " فقاطعه المحقق دانيال بطريقة عشوائية : " قد يكون انتحر , او اصيب بمرض ما , نحتاج الى خبير بصمات , وطبيب جنائي ... " لم يكمل كلامه حتى رأى أمامه رجل يرتدي بذلة سوداء لا يتعدى الأربعين من عمره يقول بالإيطالية: " ما الأمر ايها المخبر ؟ " فالتفت المخبر ريناتو نحو مصدر الصوت فأثار انتباهه ، فقال : " مرحبا سيدي " فالتفت مجددا الى المحقق دانيال و قال : " انه مستر اندريا زاتيكسي , مشرف قطارات فراتشي اروسا ( السهم الأحمر ) " ثم نظر الى اندريا و قال : " و هذا المحقق دانيال واتسون من ساكرامنتو " و هنا ضرب المحقق جبينه بيده , فقال مشرف القطار لهم بحذر : " هناك حالة من الهلع في القطار بسبب موت رجل الأعمال مستر رينالدو بيروزي و اخبرني مدير أعماله أنكم أهملتم الموقف و وقفتم تتشاجرون بدل من اتخاذ أجراء حازم " ارتبك المخبر ريناتو قليلا ثم اقترب منه و أخذه بعيدا كي يتحدث معه منفردا به ... فجلست أمامه الآنسة كليرا و قالت مبتسمة : " يبدوا انك تورطت في هذا " نظر إليها نظرة المتعجب من الموقف , فلم يمضي دقيقة حتى اقترب المخبر ريناتو و معه مشرف القطار , فقال ريناتو للمحقق دانيال : " سيد دانيال , أرجوك ان تقبل التحقيق في هذه الجريمة " صاح مسرعا و قال : " أسميتها جريمة دون ان تعرف ما حدث " فقال مستر اندريا بأدب وهو يغمض عينه : " ايها المحقق دانيال , اعلم ان لديك يوم حافل , و لكن اطلب منك التحقيق بهذه الجريمة او القتل او الموت ... أي ما تسميها ... " و قبل ان يكمل كلامه قاطعه المحقق دانيال ببطء : " سيدي , يجدر بك الاتصال بالشرطة كي نخلي مسؤوليتنا عن الحادث , لان هذا يعــُتبر عبث في مسرح الجريمة " فقال مستر اندريا بثقة : " بصفتي مشرف قطارات فراتشي أروسا ( السهم الأحمر ) التابعة لشركة ترينيتاليا أفوضك بالتحقيق بهذه الجريمة , و عندما نصل رومـا سوف نسلـّم الجاني للشرطة و نشرح لهم معطيات الجريمة " قالها و ابتسم ... سكت المحقق و شعر انه لا مفر , فقال بعد وهلة مبتسما : " يبدوا أن المشاكل تلاحقني أينما كنت .... " يتبع , . . . . . . |