| الحلقة السادسة
* * * * * بعدما انتهى من التحقيق مع نيروو ايكيزي طلب التحدث مع الرجل مسن زوجته اللذان يجلسان في المقعد رقم 23 و 25 , فطلب استدعائهم للعربة الرابعة لأخذ أفادتهم , فبدأ في التحقيق معهم بقوله : " عندما توقف القطار في فلورنسا هل رأيت شخص ما يتحرك من العربة الثالثة نحو العربة الرابعة ؟ " فأجاب الرجل المسن , : " يا سيدي , قبل تحرك القطار من فلورنسا بدقائق جاء المضيف من العربة الثالثة و بعدما تحرك القطار مر رجل من أمامي و لم يعد " - " حسنا , هل تستطيع وصف هذا الرجل ؟ " أصدر كحة بصوت عالي ثم قال ببطء : " لا أظن سيدي , كل ما تبين لي انه كان يرتدي قبعة كانت تغطي ملامح وجه و يرتدي معطف جلدي , لم أستطيع رؤية وجه و لكنه كان ضعيف البنية " فقال المحقق بحذر : " الرجل الذي كان يجلس بجواركم هل رأيت عليه أي تصرفات غير طبيعية " فأجاب و هو يحاول ان يتذكر : " هذا الرجل كان يجلس في مقعد رقم 21 بجواري , و لكن عندما توقف القطار في فلورنسا انتقل الى المقعد الخلفي " ابتسم المحقق و قال : " هل مر المضيف من جواركم نحو العربة الثالثة و هو يحمل طعاما ؟؟ " - " نعم كان هذا قبل توقف القطار في فلورنسا و أيضا مرة واحدة بعد توقف القطار في فلورنسا و لم يكن يحمل طعاما " - " أشكرك جدا , هل لديك أي معلومات أخرى تود إضافتها ؟ " أجاب بسرعة : " لا سيدي , هذا ما لدي " فشكره المحقق دانيال على أفادته و طلب منه التوجه الى العربة الثالثة و أكد عليه عدم الحديث فيما دار بينهم ... * * * * * * * * * بعد دقائق معدودة جاء المخبر ريناتو و هو يقول : " سيدي هناك فتاة غير موجودة في العربة الثالثة , من المفترض ان تغادر في روما " فقال المحقق و كأنه يكلم نفسه : " اللعنة , كيف سوف نصل لها ؟ " - " اسمها ايرين بادوفانو " نظر إليه و ابتسم و قال : " و كيف عرفت ؟؟ " اشار المخبر الى القائمة التي لديه و قال : " لقد حجزت عبر الإنترنت ببطاقة ائتمان " فأشار المحقق الى مكتب المدير و قال : " قد تكون في إحدى عربات القطار اذا , اطلب من مشرف القطارات ان يبلغ عن هذا الاسم و يطلب حضوره الى العربة الرابعة ... " و بالفعل لم يمضى سوى عشر دقائق حتى جاءت فتاة متوسطة الطول , سمراء , و تتحرك بهدوء شديد , فدخلت العربة الرابعة و فجدت رجل ملقى على وجه و مغطى بقطعة من القماش , فأحسّت بالخوف قليلا و لكن قام المحقق معها باللازم و حاول ان يهدئها ثم قال لها : " لا تقلقي تفضلي اجلسي " فجلست و عيناها لا تفارق النظر الى الضحية فأشاد المحقق انتباها و قال : " آنستي من فضلك علي ان أسألك بعض الأسئلة بحكم انك كنتي في العربة المجاورة " فقالت بتردد : " تفضل " استرق المحقق جملة من رزمة ورق لديه و قال : " أولا ما سبب انتقالك الى العربة الثامنة ؟؟ " - " لقد اتصلت بي صديقتي و أخبرتني أنها على متن القطار الذي انطلق نحو روما لذلك انتقلت الى العربة الثامنة و فضّـلت الجلوس بجوارها " - " في أي مقعد هي ؟ " - " مقعد رقم 65 " أصدر صوت همهمة ثم قال : " متى غادرتي مقعدك بالتحديد ؟؟ " حاول ان تتذكر لثواني ثم قالت : " عندما توقف القطار في فلورنسا " بحذر : " متى تحديدا " - " بعد توقف القطار مباشرة " - " حسنا , عندما غادرتي مقعدك , هل رأيت هذا الرجل – و أشار الى الضحية – حيا ؟؟ " - " لا هذا المقعد كان فارغا " - " هل رأيتِ مساعده ؟؟ " - " لا سيدي " نظر إليها بشدة و قال : " أين حقائبك ؟؟ " فأشارت الى العربة الثالثة و قالت : "هناك , و هي حقيبة واحدة " - " ما سبب سفرك الى روما ؟؟ " - " من أجل العمل " - " من أين انت .. ؟ " - " من فيرونا " - " ممتاز , و لكن من فضلك اعتذري لصديقتك و اخبريها بأنك سوف تعودي لمقعدك مجددا " - " حسنا " و همت للمغاردة و لكن أوقفها قائلا : " الآن " فتوقفت و التفت إليه , و قال لها : " اتصلي بها الآن و اخبريها بذلك " * * * * * * * * * ثم التقى مع الشاب الذي اخبر المضيف عن اختفاء كوب الماء الذي كان أمامه , فوجده شاب وسيم بشرته بيضاء متوسط الطول ... فسأله عن اسمه قال : " ديفيد رولينغز " أندهش قليلا ثم غيّر ملامح وجه و قال : " هل أنت أمريكي ؟ " - " بلى و قد أتيت هنا منذ سنتين مع زوجتي للبحث عن عمل " - " هل معك جواز مرورك ؟؟ " - " لا لقد فقد مني منذ ثلاث أيام " , ثم اخرج من جيبه ورقة و قال : " تفضل هذه ورقة من الخارجية الأمريكية تثبت ما أقول " فأخذها منه و قرأ بعض العبارات منها ثم أعادها إليه مرة أخرى فقال له : " حسنا و مرحبا بك " فسأله : " متى قدم المضيف لك الطعام ؟؟ و متى اختفى كوب الماء الذي قــُدم لك ؟ " أغمض ديفيد عيناه قليلا ثم قال : " قدم المضيف لي الطعام تقريبا الساعة السابعة و النصف , و اختفى كوب الماء قبل توقف القطار في فلورنسا , لذلك عندما عاد المضيف كي ادفع له الفاتورة أخبرته ان الكوب قد اختفى فجأة , و بالطبع لم يصدقني و ظن اني قد سرقته " فقال المحقق له : " عندما عاد المضيف إليك كي يأخذ حساب الطعام , هل لاحظت في عربته طعام او ما شابه " - " لا سيدي , لقد قدم إلي منفردا و لم يكن يحمل أي شيء سوى الفاتورة " - " هل رأيت مضيف آخر غير الذي قــَدم لك الطعام بعد توقف القطار في فلورنسا ؟؟ " - " لا " - " هناك آنسة تجلس خلفك , هل تعرف اذا كانت طلبت أطعمة او مشروبات او خلافه " - " لا أستطيع الجزم في ذلك , لكن سيدي تستطيع ان تسأل المضيف " فقال المحقق : " بعدما تحرك القطار هل رأيت المضيف مجددا ؟؟ " - " لا , لا أظن ذلك " سكت المحقق دانيال لثواني ثم أصدر كحة و قال : " ما هو عملك ؟ " - " انا حاليا لا اعمل , و لكن آخر عمل لي كان .... " قاطعه مسرعا : " وجهتك نحو روما , ما سبب سفرك ؟ " -" اريد فقط تثبيت عقد زواجي في الفاتيكان " ثم مد يداه الى جيبه و اخرج عقد زواجه , و طلب منه ان يراه و لكن اكتفى بذلك و شكره على الحديث معه ... * * * * * * * * * اكتفى المحقق دانيال بالتحقيق معه , لكنه على وعي تام بأن هناك أمر غير طبيعي يجري , لان ما يحدث الآن غير صحيح .. لذلك بقي منفردا مع الضحية و حاول ان يتخيل ما حدث , بينما عاد للشاب ستيورات وعيه فحل المحقق وثاقه و طلب منه ان يفصّـل ما حدث منذ لحظة صعودهم على متن القطار .... فكان المحقق مطمئن له و يعلم بأنه ليس مرتكب الجريمة فقال له بهدوء : " انا اعلم بأنك لست مرتكبا للجريمة , و لكن كان يجب ان افعل هذا معك كي اطمئن الجاني الحقيقي , و لكن ما حدث الآن يبعد الاتهام عن أي شخص و يصورها لي مجرد حالة إغماء أدت الى وفاة " فقال سيتورات بيأس : " و الآن , ماذا تريد مني ؟ " - " اريد منك أولا ان تصف لي شكل تلك الحقيبتين اللاتي سرقوا , لأنهم على اغلب الظن أنهم على متن هذا القطار " فقال سيتورات بلهجة متوترة : " كان يحمل حقيبتين تبلغ كل واحدة منهم مائتي الف يورو , بلى , حقيبتين سوداء اللون ..... " فنظر المحقق إليه بشدة و قال : " ابقى انت هنا " فسرعان ما ذهب الى مشرف القطار و اخبره بأنه يريد تفتيش القطار فرفض مبدئيا حتى أقنعه المحقق بتفتيش العربة الثالثة و الرابعة فقط ... قاما موظفو القطار بتفتيش العربتان تفتيشا دقيقا بينما المحقق ينظر إليهم بشغف و هو ينتظر النتيجة فمالت نحوه الآنسة كليرا و هي تقول : " أي مصيبة هذه ؟؟ " فقال لها بصوت خافت : " اذا كنت اعلم ان سوف تحدت جريمة على هذا القطار , كنت افضّـل ان استقـل الحافلات " فتقدم المخبر ريناتو و هو يقول بصوت عال ِ: " سيدي لقد قمت بتدوين الأغراض لجميع الركاب , تفضل " وأعطاه ورقة صغيرة فأخذ يقراها بصوت خافت بونادو فريشكي : حقيبة صفراء بها ملابس قليلة و بعض الأدوية و العقاقير ديفيد رولينغز : حقيبة سوداء و بها بعض الملابس ايرين بادوفانو : حقيبة سوداء و ملابس أنيقة و بعض المجوهرات الثمينة نيرو ايكيزي : يحمل فقط حقيبة يد بها بعض الأوراق النقدية و قبعة دائرية و معطف جلدي الرجل و المسنة و زوجته : كان لديهما ثلاث حقائب و جميعها كانت مجرد هداية للأطفال ثم أضاف ريناتو : " و وجدنا هذه القميص الأزرق في العربة الرابعة أسفل المقعد رقم 55 , خلف الضحية " * * * * * * * * * لقد شتت تفكير المحقق دانيال و من معه , فلم يعد قادر على حل هذا اللغز , و لذلك شك و لو للحظة بأن ليس هناك جريمة بتاتا بل انها مجرد حادثة تسببت في موته ... بدا المحقق دانيال و الآنسة كليرا مراجعة جميع أقوال الشهود فيما بينهم ... فجلست أمامه و هي تقول بصوت منخفض : " بداية يجب ان نقول ان هناك جريمة قتل , لان حقنة الأنسولين استبدلت بحقنة جليكوجين " فأصدر المحقق دانيال صوتا يدل على اهتمام ثم أضافت مسرعة : " ثانيا , سرقة الحقيبتين الذي من المفترض ان يدفعهم مستر بيروزي الى صاحب مصنع الغزل و النسيج و القميص الأزرق الذي ارتداه الجاني و انتحل شخصية المضيف كي يقدم كوب الماء المسكـّر " ابتسم المحقق و قال مسرعا : " هل تعلمين ان السر في مصنع الغزل و النسيج " اندهشت ثم قالت : " كيف هذا ؟ " فدخل المخبر ريناتو العربة الرابعة و هو يقول : " لقد بقيّ على روما خمس و عشرون دقيقة فقط " لم يعره اهتمام فيما أضاف و لكنه نظر إليه و قال : " احضر لي ستيورات الآن و الرجل المسن " فغادر على الفور , فجاء اولا ستيورات ديفيس ثم تبعه الرجل المسن , فقال المحقق لسيتورات : " من فضلك احضر لي العقد الابتدائي " اقترب الشاب ستيورات الى الضحية و مد يداه في جيبه الداخلي و اخرج ورقة مطوية صغيرة و قدمها الى المحقق بكل هدوء ... فتناولها منه و هو يقول : " هل هناك مبلغ ما تم دفعه مسبقا " - " لا سيدي " افتتح تلك الورقة المطوية و بدأ يقرأ ما بها ثم قال : " من الذي ابرم الصفقة معكم اذ كنت تقول ان صاحب المصنع في روما " فقال بعدم يقين : " انه مدير أعماله يدعى جاستوفو فانوتشي " فقرأ في بداية العقد اسم مالك المصنع بالإيطالية بهذا الشكل : Lucasi Bekasi سكت المحقق قليلا ثم قالت كليرا : " هل تحدثتم مع صاحب المصنع ام لا " التفت إليها و قال " لا و لكن تحدثنا مع نجله و اخبرني بأنه ينتظرنا في روما " فسرعان ما قال المحقق بشغف : " ما اسمه " أعاد نظره الى المحقق مجددا و قال ببطء : " أظن انه قال انه يدعى جراتشي " يتبع , . . . . . |