|
القسم الدينى هنا تجد كل شىء عن الاسلام من خطب ولقاءات دينية |
| أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-11-2008, 01:17 AM | #1 (permalink) |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بقلم الدكتور: زغـلول النجـار هــذه الايات المباركات جاءت في مطلع سورة التين, وهي سورة مكية, ومن قصار السور في القرآن الكريم إذ يبلغ عدد اياتها ثماني آيات فقط بعد البسملة. ويدور المحور الرئيسي للسورة حول قضيتين رئيسيتين: أولاهما هي قضية تكريم الله للإنسان بخلقه في أحسن تقويم, وعلي فطرة مستقيمة مع حقيقة الأخوة الإنسانية التي تنتهي كلها إلي آدم( عليه السلام), وآدم من تراب كما أخبرنا المصطفي( صلي الله عليه وسلم), ومستقيمة أيضا مع حقيقة الإيمان بالله ربا, وبالإسلام دينا, وبالنبوة والرسالة السماوية منهجا في التبليغ عن الله الخالق الباريء المصور( سبحانه وتعالي) ومن ثم الإيمان بأنبياء الله ورسله أجمعين وبما أرسلوا به من دين يحوي الإجابات الشافية عن التساؤلات الكلية التي تشغل بال الإنسان طيلة حياته ـ قلت ثقافته أو زادت, وعلا قدره في المجتمع أو انحط ـ من مثل قضايا العقيدة, والعبادة, والأخلاق, والمعاملات التي تشكل صلب الدين, والتي لا يقوي الإنسان علي وضع أية ضوابط صحيحة لنفسه فيها, إما لكونها من صميم الغيب المطلق كقضايا العقيدة, أو الأوامر الإلهية المطلقة كقضايا العبادة, أو لكونها ضوابط للسلوك كقضايا الأخلاق والمعاملات, والإنسان كان دوما عاجزا عن وضع ضوابط لسلوكه من تصوراته وتقديراته الشخصية, ومن هنا كانت ضرورة الدين لاستقامة حياة الإنسان علي الأرض , ومن هنا أيضا كان لازما للدين كي يكون دينا صحيحا قادرا علي تربية الإنسان تربية صالحة, وعلي ضبط حركة الحياة ضبطا عادلا أن يكون بيانا ربانيا خالصا لا يداخله أدني قدر من التصورات البشرية, وبذلك يتضح الفرق بين دين صحيح ودين غير صحيح...!! وتتجلي قيمة الإيمان الكامل في حياة الإنسان, ذلك المخلوق المكرم الذي قال ربنا( تبارك وتعالي) في حقه: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا*. ( الإسراء:70) وهذا الإنسان المكرم جعله الخالق( سبحانه وتعالي) مخلوقا ذا إرادة حرة, حتي يؤجر علي كل خير يفعله, ويجازي علي كل خطأ يقترفه, وهيأه الله( سبحانه وتعالي) لذلك تهيئة كاملة بالروح والنفس, والعاطفة والعقل, وبمختلف الحواس, وجعل حرية الاختيار عنده من مناطات التكريم ووسائل التقييم لعمله, فكلما التزم الإنسان بالمنهج الذي وضعه الله( سبحانه وتعالي) له, واستقام عليه وصل إلي درجات من الكمال الإنساني الذي لا يقوي كثير من الخلق علي الوصول إليه. وليس أدل علي ذلك من قول الحق( تبارك وتعالي) في الحديث القدسي: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه فأكون سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ولسانه الذي ينطق به, وقلبه الذي يعقل به, فإذا دعاني أجبته, وإذا سألني أعطيته, وإذا استنصرني نصرته, وأحب ما تعبدني عبدي به النصح لي.( رواه الطبراني في الكبير عند أبي أمامة) ويدل علي ذلك أيضا وقوف جبريل( عليه السلام) عند مقام لم يتجاوزه في رحلة المعراج, وتجاوزه المصطفي( صلي الله عليه وسلم), لقول جبريل له: تقدم أنت فإني لو تقدمت لاحترقت, ولو تقدمت أنت لاخترقت وهو مقام لم ينله أحد من الخلق من قبل ولا من بعد. وهذا التكريم الذي أعطاه الله( تعالي) للإنسان كلما ارتقي بملكاته البشرية في معراج الله, يمكن أن ينقلب إلي ضده تماما إذا انت** الإنسان بفطرته, وانحط باختياره وإرادته عن مقامات ذلك التكريم فهوي بنفسه إلي أسفل سافلين, في الدنيا بشقائه فيها, وفي الآخرة بإلقائه إلي الدرك الأسفل من النار, ولذلك قال ربنا( تبارك وتعالي): لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم* ثم رددناه أسفل سافلين* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون*. ( التين:4 ـ6) ومن الدلالات المستوحاة من هذه الآيات الكريمة أن الله( تعالي) قد خلق الإنسان في أحسن هيئة, وأنسب قامة, وأعدل صورة, وزوده بالعقل والجوارح, والأحاسيس, والمشاعر, وبالقدرة علي اكتساب المعارف والمهارات, كما زوده بالإرادة الحرة, وبغير ذلك من الصفات والمواهب والقدرات التي تعينه علي القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض, وتنمو معه حتي تصل إلي أوجها في مرحلة الشباب, ثم تبدأ في التناقص التدريجي والذبول مع الكبر في السن حتي إذا وصل الإنسان إلي أرذل العمر أدركه الضعف بعد القوة, والعجز بعد القدرة, فإذا كان من الكفار أو المشركين أو العصاة الضالين أوكله الله( تعالي) إلي ضعفه وعجزه البشريين, وإذا كان من المؤمنين الصالحين فإن الله( سبحانه وتعالي) يكرم شيبته, ويجبر تقصيره, ويوفيه حقه كاملا غير منقوص حتي لو لم تمكنه قدراته من أداء عباداته علي الوجه الأمثل, وفي ذلك يروي عن ابن عباس( رضي الله عنهما) قوله أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال: إذا بلغ المؤمن من الكبر ما يعجزه عن العمل كتب له ما كان يعمل. كذلك روي البخاري عن أبي موسي الأشعري( رضي الله تعالي عنه) قوله: أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما. ***اء كان المقصود بالارتداد إلي أسفل السافلين في الآية الكريمة هو الارتداد في الدنيا إلي أرذل العمر وما فيه من ضعف وعجز بعد قوة وقدرة, يتدارك فيه الله( تعالي) برحمته كل مؤمن صالح ويدع كل كافر ومشرك لقدره, أو كان المقصود الارتداد إلي الآخرة وأهوالها وعذابها حيث ينجي الله برحمته المؤمنين الصالحين ويوفيهم أجورهم بغير نقص ولا منة, ويلقي بالكافرين والمشركين والمنافقين الضالين وعتاة المجرمين إلي أسفل دركات النار, فالآيات الكريمة تتسع للمعنيين معا ولما هو فوقهما من معان في نفس السياق, والله( تعالي) أعلي وأعلم. والقضية الثانية التي يدور حولها محور سورة التين هي قضية الدين الذي أنزله ربنا( تبارك وتعالي) علي فترة من الرسل تجاوز عددهم الثلاثمائة وخمسة عشر رسولا, اختارهم الله( تعالي) من بين مائة وعشرين ألف نبي, بعثوا كلهم بالإسلام, ودعوا إلي توحيد الله الخالق بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, ولا صاحبة ولا ولد, وإن اختلفت تفاصيل التشريعات من عصر إلي آخر, إلا أن دعوتهم جميعا لأممهم كانت بلا أدني خلاف هي: .. ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره.. (الأعراف:85,73,65,59, هود:84,61,50) وقد أكمل ربنا( تبارك وتعالي) رسالته إلي خلقه وأتمها وختمها ببعثة النبي الخاتم والرسول الخاتم, سيد الأولين والآخرين, سيدنا محمد بن عبدالله( صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين). ولكونها الرسالة الخاتمة فقد أنزل ربنا( تبارك وتعالي) البشري بها في الرسالات السابقة علي نزولها, وتعهد( جلت قدرته) بحفظها بنفس لغة وحيها( اللغة العربية), فحفظت حرفا حرفا, وكلمة كلمة, علي مدي يزيد علي الأربعة عشر قرنا وإلي أن يرث الله( تعالي) الأرض ومن عليها. وهذا الحفظ بذاته هو ضرب من الاعجاز الذي لم تتمتع به الكتب السماوية الأخري, وقد ترك حفظها لأقوامها فضيعوها بالكامل, أو عرضوها لقدر من التحريف الذي أخرجها عن إطارها الرباني وجعلها عاجزة عن هداية البشرية, وليس أدل علي ذلك من بحار الدم والخراب والدمار الذي تغرق فيه أرض فلسطين اليوم باسم موسي ويعقوب واسحاق وابراهيم( عليهم من الله السلام) وهم من ذلك براء, والذي يغرق أرض كل من العراق وأفغانستان باسم عيسي بن مريم( عليه السلام), وهو برئ مما يرتكبون من جرائم وآثام وتعديات علي أبسط حقوق الانسان..., والذي يغرق كثيرا من أهل الأرض المستضعفين باسم الدين, والدين من هؤلاء المعتدين براء...!! ولذلك جاء الخطاب في ختام سورة التين موجها إلي كل كافر ومشرك بصيغة من صيغ الاستفهام الاستنكاري التوبيخي التقريعي يقول فيها ربنا( تبارك وتعالي): فما يكذبك بعد بالدين* أليس الله بأحكم الحاكمين* ( التين:8,7) أي: فأي شئ يضطرك أيها الكافر أو المشرك إلي الكفر بالله( تعالي) أو الشرك به( سبحانه وتعالي) بعد ما تبينت لك شواهد قدرته المبدعة في الخلق, والدالة دلالة قاطعة علي قدرته( تعالي) علي البعث بعد الموت, وعلي الحساب والجزاء في الآخرة, وهي من الحقائق التي نزلت بها كل رسالات السماء, وأكدتها الرسالة الخاتمة المحفوظة بحفظ الله, مما يضع كل كافر ومشرك وظالم في هذه الحياة في مصاف المكذبين بالدين, المنكرين لحقيقة أن الله( تعالي) هو أحكم الحاكمين, الذي أتقن كل شئ خلقه, وأحكم قضاء كل أمر بالحق, وبالعدل بين الخلق, والاستفهام في ختام هذه السورة المباركة هو من نوع الاستفهام التقريري لما جاء بعد النفي, ولذلك يروي عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قوله الشريف:.. فإذا قرأ أحدكم( والتين والزيتون) فأتي آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين) فليقل: بلي وأنا علي ذلك من الشاهدين. وروي مالك عن البراء بن عا** قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يقرأ في سفره في إحدي الركعتين بالتين والزيتون, فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه. وسورة التين هي السورة القرآنية الوحيدة التي سميت باسم ثمرة من ثمار الفاكهة, ومن الثمار النباتية علي الإطلاق, وقد ذكر فيها التين مرة واحدة, وهي المرة الوحيدة التي ذكر فيها التين في القرآن الكريم, بينما جاء ذكر كل من الزيتون وزيته في ست آيات قرآنية أخري, وبذلك يكون التين قد ذكر في القرآن الكريم مرة واحدة, بينما ذكر الزيتون وزيته سبع مرات. وتبدأ السورة بقسم من الله( تعالي) بكل من التين والزيتون, وربنا( تبارك وتعالي) غني عن القسم لعباده, ولكن المقصود من القسم هو التنبيه إلي الأهمية الغذائية الكبري لهاتين الثمرتين المباركتين وإلي بركة منابتهما الأصلية. فقد روي عن ابن عباس( رضي الله عنهما) قوله: هو تينكم الذي تأكلون, وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت ولكن نظرا للعطف علي هذا القسم بقسم آخر, بمكانين مباركين هما طور سينين, والبلد الأمين في قول ربنا( تبارك وتعالي): والتين والزيتون* وطور سينين* وهذا البلد الأمين*.( التين:1 ــ3) لجأ بعض المفسرين إلي استنتاج الدلالة بالتين والزيتون علي منابتهما الأصلية من الأرض. فطور سينين هو الجبل الذي نودي موسي( عليه السلام) من جانبه في شبه جزيرة سيناء( أو سينا) ومعناها في اللغة المباركة الحسنة, والجبل معروف اليوم باسم جبل موسي( أو جبل المناجاة), والبلد الأمين هو مكة المكرمة, وحرمها الآمن, وبها الكعبة المشرفة, أول بيت وضع للناس, وعلاقة هذين المكانين المباركين بوحي السماء لاينكرها إلا جاحد للحق. وعطف القسم بهذين المكانين المباركين علي القسم بكل من التين والزيتون أوحي إلي عدد من المفسرين إلي الاستنتاج بأن القسم بهاتين الثمرتين قد يتضمن من أحد جوانبه الإشارة إلي كرامة منابتهما الأصلية من الأرض, وذلك من مثل كل من بيت المقدس وبجواره طور زيتا, وبه المسجد الأقصي المبارك الذي ندعو الله( تعالي) أن يطهره من دنس اليهود, وأن يحرره ويحرر أرض فلسطين كلها من احتلالهم الجائر البغيض, ويحرر جميع أراضي المسلمين المحتلة والمغصوبة من ربقة المحتلين والغاصبين من الكفار والمشركين, أعداء الله وأعداء الدين( اللهم آمين آمين آمين يارب العالمين). منقول |
مواقع النشر (المفضلة) |
جديد مواضيع قسم القسم الدينى |
|
| |
Downloadiz2.Com - Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd |