منتديات داونلودز2


العودة   منتديات داونلودز2 > >

القسم الادبى قسم الادب والشعر والنثر والقصص الادبية الرائعة



حكمت

حكمت ، فظلمت ، فقلقت ، ولا نمت !! قصة قصيرة كتبها : أحمد كمال في قاعة المحكمة ، تملكني

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-19-2010, 07:20 PM   #1 (permalink)
عضو جديد
 




 
ahmwed على طريق التميز

افتراضي



حكمت ، فظلمت ، فقلقت ، ولا نمت !!

قصة قصيرة

كتبها : أحمد كمال

في قاعة المحكمة ، تملكني اليأس ، فدفنت رأسي بين معصمي ، وحاولت أن أستدعي نوماً عميقاً ، وإذا بأصوات صراخ تتعالى ، وهرج ، ومرج ، يتزايد ، وطقطقات اصطدام الكراسي تشبه هدير المدافع ، فرفعت رأسي المدفون بحذر خشية الإصابة ، وإذا بالقاعة قد ازدحمت جداً بالجمهور ، صماً ، وبكماً ، يحاولون أن يتكلمون ، فلا يستطيعون ، فيصرخون ، بعواء غير مفهوم ، ولكن ملامح وجوههم كانت تقول ، غضب ، تمرد ، ثورة ، وسرعان ما ينكسرون ، فتسللت من وسط الزحام ، لأنزوي في ركن هاديء بجوار قفص الاحتجاز ، وإذا بي أرى القفص صار ذهبياً ، والمتهمون أطفالاً ، يلعبون ويأكلون الحلوى ، وبمن حولهم لا يكترثون ، تعجبت كثيراً ، وناديت عليهم متسائلاً :



- ماذا هنا تفعلون ؟



فنظروا إلي بدهشة وقالت طفلة بوجهها الملائكي :



- أنت المدافع عنا وتسألنا ؟ الآن !!



فشعرت بخزي يتملكني ، وخجل يحيطني وقلت :



- ربما أكون قد نسيت فذكروني ؟



فضحك طفل تتقافز الشقاوة من عينيه قائلاً :



- وكيف تتذكر وليس لديك عقل في رأسك ؟



فتحسست رأسي بكفي وإذا برأسي فارغاً ليس به مخ !! أردت أن أصيح فإذا بالطفلة ملائكية الوجه ، تكتم فمي بيدها البيضاء الرقيقة جداً وتقول بصوت آسر مطمئن :



- لا تخاف لقد بقي عندك ضمير ولهذا اخترناك لتدافع عنا !!



نظرت إليها والفزع يملأني ، والدهشة أدركتني ، لكن شيئاً ما في عينيها الزرقاواتين ، طمأنني ، وأبحرت في صفاء عينيها ، حتى نادي الحاجب على القضية ، فشدت على يدي قائلة والأمل يملأها ، وابتسامة عريضة على شفتيها :



- هيا ، ولا تضيعنا !!



فأسرعت ألملم أشلائي ، وأقتحم الزحام الشديد ، لأصل بعد إعياء إلى منصة القاضي ، كانت أعلى مما تعودت ، فرفعت رأسي عالياً ، لأنظر إليه ، فإذا بالقاضي له وجه غليظ ، غليظ ، ورأسه أجوف ، وليس به مخ ، ولا تكاد تراها عين واحدة والأخرى مفقوعة ، وأذن واحدة والأخرى مقطوعة ، وكتف مائل تارة ناحية اليمين وتارة ناحية اليسار ولكنه لا يستقيم !! فنظر إلي القاضي مستغرباً قائلاً :



- ألن تترافع عن المتهمين أيها المحامي ، أم ستبقى تتأمل في ؟



وشعرت لأول مرة ببركان يتدفق من أعماق ، أعماقي ، يقذف بكلمات صادقة على لساني وأدركت عن يقين معنى الضمير وقلت :



- سيدي ، سعادتك ، سيادتك ، فضيلتك ، إن المحتجزون في القفص أطفال ، لا يزال الأمل فيهم ، والمستقبل أمامهم فلماذا نسجنهم وندفن طموحهم المشروع ، والبراءة لا تزال فيهم لم يلوثوا مثلنا !!



فهاجت القاعة ، وعاد الصياح ، والعواء المكتوم ، والقاضي يدق بشاكوشه الحديدي ، على طاولته الحديدية ، ليصدر رنيناً مزعجاً ، وإذا بكلاب سوداء تزين رقبتها أطواق جلدية ، مرصعة بنجوم ذهبية ، يتدافعون إلي القاعة ، يهاجمون بضراوة ، والجمهور يصيح ، ويصرخ مستغيث ، حتى أخليت القاعة ولم يبق غيري والكلاب من خلفي ، والأطفال في القفص يرتعشون من الرعب ، فهمس القاضي قائلاً :



- أتدافع عن المتهمين بنفس الاتهامات الموجهة إليهم ؟!



استغربت كثيراً ، الأمل ، والطموح ، والبراءة ، أصبحت تهمة فتداركت قائلاً :



- أنا لا أخاطب القاضي الذي أمامي ، أنا أخاطب ضميرك الخامد وأترجاه أن يثور لهذه الأطفال البريئة !!



سارت قشعريرة ممتعة في جسدي ، ورأيت القاضي يهتز ويوميء برأسه ، وقد تهللت أساريره وقال وهو ينصرف :



- الحكم بعد المداولة !!



وألتفت نحو القفص والكلاب السمينة من حولي ، وأنا أنظر للأطفال متسائلاً ، فردوا بابتسامة متفائلة ، وإذا بالحاجب يصيح بصوت أجش معلناً دخول القاضي ، ويد غليظة توقظني من غفوتي العميقة ، فوقفت سريعاً ، ولا يزال النعاس يداهمني ، تحسست رأسي فوجدت عقلي عاد إليها ، والبركان بداخلي لا يزال يتدفق ، والقاضي ينطق ببراءة المتهمين ، والقاعة تهيج فرحاً ، وتنطلق الزغاريد ، فأسرعت أقتحم الزحام ، حتى دنوت من قفص الاحتجاز ، وإذا به نفس القفص القديم ، وليس به أطفال ، به إنســــــــــــــــان



انتهى





ahmwed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد  إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد مواضيع قسم القسم الادبى


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



الساعة الآن 04:55 PM


RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
 

 

   Downloadiz2.Com - Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd