سمي العيد بهذا الإسم لعوده بالخير والغبطة والسرور على أهله بعد قيامهم بواجب دورب يتكرر كل مدة من الزمن، أو احتافات بذكرى غالية على نفوسهم، أو حصولهم على غاية عزيزة على قلوبهم.
وللمسلمين عيدان أساسيان هما: عيد الفطر وعيد الأضحى، الأول بعد أداء فريضة الصوم في شهر رمضان ويكون يوم الفطر الأول من شوال يوم فرح وسعادة وحبور للصائمين إذ وفقهم الله لطاعته، ومنحهم شهادة التقوى بما قدموه من صيام وقيام، ومخالفة لشهوات النفس وحظوظها وأهوائها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه متفق عليه.
والثاني بعد أدء فريضة الحج، ويكون يوم النحر اليوم العاشر من ذي الحجة يوم احتفال وبهجة وسرور للحجاج بما أنعم الله عليهم من أداء النسك، وتلبية أمر الله، وإكرام الله لهم بالمغفرة والرضوان، وفتح صفحة نقية من صفحات العمر، ولكافة المسلمين فرحا بما يسر الله تعالى لحجاج بيته من أداء فريضتهم، وتذكرا لعهد التضحية والفداء بالروح والنفس والمال والولد طاعة لله وامتثالا لأمره، والذي كان بطله أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) الصابرين.
ولقد شرع النبي هذين العيدين لأمته كما روي أنه قدم للمدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذا اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله قد أبدلكما بهما خيرا منهما عيد الفطر وعيد الأضحى أبو داود عن أنس.
والعيد يوم شكر لله على ما أنعم من فضله، وما وفق من طاعته، ويوم راحة نفسية بعد أداء الفريضة، ويوم مكافأة إلهية كريمة ليعرف المسلم قدر ما قدم، وقيمة ما عمل، وتشجيعا له على كتابعة أمر الله، والسير على منهجه حتى يلقى يوم عيده الأكبر بلقاء وجه ربه الكريم..
ولقد أباح الإسلام أيام العيد إظهار الفرح، والأخذ من الطيبات، والراحة والاستجمام من عناء العمل، وشيئا من اللهو المباح الذي يكون كإعادة شحن لقوى النفس، ومحطة لمواصلة الطريق على صراط الله المستقيم.
وللعيد آداب إسلامية على المسلم أن لا يتجاوزها، وأعرافا عليه ألا يتعداها، فيطلق للنفس العنان لتستبيح ما حرم الله، ولتفسد أياما قضاها في الطاعة والعبادة من أجل شهوة رخيصة، وهوى متبع. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) محمد. وجاء في الأثر: من عصاني يوم العيد، فكأنما عصاني يوم الوعيد.
ومن هذه الآداب نذكر ما يلي:
آداب عيد الفطر:
1 »» قيام ليلة العيد بأنواع العبادات والقربات، من ذكر لله وصلاة وتسبيح وقراءة للقرآن..
عن معاذ أن رسول الله قال: من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة: ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة الفطر رواه ابن عساكر.
وعن عبادة عن رسول الله قال: من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت يوم تموت القلوب رواه الطبراني.
وعن أنس أن رسول الله قال: زينوا العيدين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس رواه أبو نعيم في الحلية.
4 »» إخراج زكاة الفطر قبل الصلاة، وينبغي التكبير في إخراجها احتياطا، ويجوز أول رمضان.
عن ابن عباس ما قال: فرض رسول الله صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرّفث وطعمة للمساكين، فمن أدّاها قبل الصلاة زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم.
6 »» إظهار البشاشة والفرح والسرور، الفرح بطاعة الله، والبشاشة في وجوه المؤمنين.
7 »» التبكير في التوجه الى صلاة العيد في المسجد، ويستحب الذهاب اليه ماشيا من طريق، والعودة اليه ماشيا من طريق آخر ليشهد له الطريقان ومن فيهما من ملائكة الله التي تملأ الطرقات في هذا اليوم الكريم.
قال علي : من السنة أن تخرج الى العيد ماشيا.
8 »» تناول شيئا من الطعام قبل الذهاب الى صلاة الفطر ويستحب أن يكون حلوا كالتمر.
عن أنس قال: كان رسول الله لا يغدو يوم حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترا رواه البخاري.
9 »» شهود صلاة عيد الفطر، ويستحب تأخيرها لأجل إخراج صدقة الفطر لمن لم يخرجها، وحضور خطبة العيد والإستماع الى توجيهاتها ووصاياها.
10 »» السلام على الأهل والإخوة والأصدقاء والجيران والمعارف وجميع المسلمين بعد الصلاة، قائلا: تقبل الله طاعتكم، وكل عام وأنتم بخير.
11 »» زيارة الأرحام، والعلماء، والأصدقاء بحسب آداب الزيارة.
12 »» زيادة الطاعات، والإكثار من أعمال البر والخير، وتجنب المعاصي والذنوب، والملاهي المحرمة، التي تقسي القلب وتصد عن ذكر الله وتلهي عن الصلاة.
قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) الحج.
آداب عيد الأضحى:
أداب عيد الأضحى هي نفس آداب عيد الفطر إلا في الملاحظات التالية:
1 »» التكبير بعد الصلوات الخمس من فجر يوم عرفة وحتى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق.
قال تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ الحج 28.
2 »» تعجيل صلاة عيد الأضحى من أجل ذبح الأضاحي كما ورد في الحديث. عن أبي الحويرث مرسلا أن رسول الله كتب الى عمرو بن حزم وهو بنجران أن عجل الأضحى وأخر الفطر. أخرجه الشافعي.
3 »» عدم تناول الطعام قبل أداء صلاة الأضحى.
عن أنس قال: كان رسول لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يصلي. رواه الترمذي.
4 »» الأضحية للمستطيع، ويرجع في شروطها الى كتب الفقه. ويسن أن لا يحلق صاحبها ولا يأخذ من اظفاره من بداية ذي الحجة حتى يذبح.
عن أم سلمة ا قالت: قال رسول الله : من كان له ذبح فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذنّ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحّى رواه مسلم.
وعن البراء قال: خرج النبي الى البيقع فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وقال: إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر رواه البخاري.
وعن نبيشة أن رسول الله قال: أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله تعالى رواه مسلم وأحمد.
• صيغة التكبير: الله أكبر الله أكبر لا اله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
• المعدودات: أيام التشريق.
• المعلومات: عشر ذي الحجة مع يوم النحر.