الحديث الثامن
عشر
عن أبي ذر جندب بن جنادة
وأبي عبدالرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال "
اتق الله حيثما كنت , وأتبع السيئة الحسنة تمحها
وخالق الناس بخلق حسن " رواه
الترمذي , وقال : حديث حسن وفيبعض النسخ : حسن صحيح .
*الشرح :
قوله " اتق الله
" فعل أمر من التقوى وهو اتخاذ وقاية من
عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه فهذا هو التقوى وهذا هو أحسن حد قيل
فيها .
وقوله " اتق الله حيثما كنت
" في أي مكان كنت , فلا تتقي الله في
مكان يراك الناس فيه , ولا تتقيه في مكان لا يراك فيه أحد , فإنالله تعالى
يراك حيثما كنت فأتقه حيثما كنت .
وقوله " وأتبع السيئة الحسنة
" يعني اعل الحسنة تتبع السيئة , فإذا
فعلت سيئة فأتبعهابالحسنة ومن ذلك –أي إتباع السيئة بالحسنة- أن تتوب إلى
الله من السيئة فأن التوبةحسنة .
وقوله " تمحها
" يعني الحسنة إذا جاءت بعد السيئة
فإنها تمح السيئة ويشهد لهذا قوله تعالى "
...إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ...
" هود/114 .
*وفي هذا الحديث من الفوائد : حرص النبي صلى الله عليه
وسلم على أمته بتوجيههم لما فيه الخير والصلاح , ومنها وجوب حرص
تقوى الله عزوجل في أي مكانكان ومنها وجوب التقوى في السر والعلن , لقوله
صلى الله عليه وسلم "
اتق الله حيثما كنت " .
*ومن فوائد هذا الحديث : الإشارة إلى السيئة إذ اتبعها الحسنة إذا اتبعتها
الحسنة فإنهاتمحوها وتزيلها بالكلية , وهذا عام في كل حسنة وسيئة إذا كانت
الحسنة هي التوبة ,لأن التوبة تهدم ما قبلها , أما إذا كانت الحسنة غير
التوبة وهو أن يعمل الإنسان عملاً سيئاً ثم يعمل عملاً صالحاً فإن هذا يكون
بالموازنة فإذا رجح العمل السيئ زالأُره كما قال تعالى
" وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ
لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
" الأنبياء/47 ... ثم قال
" وخالق الناس بخلق حسن
" عاملهم بالأخلاق الحسنة بالقول والعمل
, فإن ذلك خير وهذا الأمر , إما على سبيل الوجوب وإما على سبيلالاستحباب .
*فيستفاد منه : مشروعية مخالفة الناسبالخلق الحسن وأطلق النبي
صلى الله عليه وسلم كيفية المخالفة , وهي تختلف
بحسب أحوال الناس فقد تكون حسنة لشخص , ولا تكون حسنة لغيره , والإنسان
العاقل يعرف ويزن .
|