الحديث الثالث
والثلاثون
عن
ابن عباس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال - لو يعطى
الناس بدعواهم ، لا دعى رجال أموال قوم و دماءهم لكن البينة على من المدعي
و اليمن على من أنكر - حديث حسن رواه البيهقي و غيره هكذا، وبعضه
في الصحيحين .
*الشرح :
قوله - لو يعطى الناس بدعواهم - أي : بما يدعونه على غيرهم ، و ليعلم
أنإضافة الشيء على أوجه :
الأول : أن يضيف لنفسه شيئا لغيره ، مثل أن يقول - لفلان علي كذا - فهذا
إقرار .
و الثاني : أن يضيف شيئا لنفسه على غيره ، مثلأن يقول - لي على فلان كذا و
كذا - فهذه دعوى .
فهذا الثالث : أن يضيف شيئا لغيره على غيره ،مثل أن يقول - لفلان على فلان
كذا و كذا - فهذه شهادة .
و الحديث الآن في الدعوى فلو ادعى شخص على آخر قال - أنا اطلب مائة درهم
مثلا - فإنه لو قبلت دعواه لا ادعى رجالأموال قوم و دماءهم ، وكذلك لو قال
لاخر - أنت قتلت أبي - لكان ادعى دمه وهذا يعني أنها لا تقبل دعوى إلا
ببينة ولهذا قال - لكن البينة على المدعي - فإذا ادعى إنسان على اخر شيئاُ
قلنا : أحضر لنا البينة والبينة كل ما بان به الحق سواء كانت شهوجا أو
قرائن حسية أو غيرذلك .
و لهذا قال - لكن البينة على المدعي - فإذا ادعى إنسان على آخر شيئا قلنا :
احضر البينة ، و البينة كل ما بان به الحق سواء كانشهودا أو قرائن حسية أو
غير ذلك .
- و اليمين على منأنكر- أي : من أنكر دعوى خصمه إذا لم يكن لخصمه بينة فإذا
قال زيد لعمرو - أنا اطلب مائة درهم - قال عمرو : لا ، قلنا لزيد ائتببينة
، فإن لم يأتي بالبينة قلنا لعمرو : احلف على نفي ما ادعاه ، فإذا حلف برئ
.
*و هذا الحديث فيه فوائد : منها أن الشريعة الإسلامية حريصة على حفظ أموال
الناس و دماءهم لقوله - لو يعطى الناس بدعواهم لا ادعى رجال أموال قوم و
دماءهم -
*و من فوائد هذا الحديث : أن المدعي إذا قام ببينة على دعواه حكم له بما
ادعاه ، لقوله عليه الصلاة و السلام - لكن البينة على المدعي - و البينة كل
ما بين به الحق و يتضح كما اسلفا في الشرح ، و ليست خاصة بالشاهدين أو
الشاهد بل كل ما أبان الحق فهو بينة .
*ومن فوائد الحديث : أن اليمين على من أنكر أي : من أنكر دعوىالمدعي .
*ومن فوائده : أن لو أنكر المنكر و قال - لا أحلف - فإنه يقضي عليه بالنكول
ووجه ذلك أنه إذا أبىأ، يحلف فقد امتنع مما يجب عليه فيحكم عليه به .
|