الحديث السادس
عن أبي عبدالرحمن عبدالله
بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو الصادق المصدوق "
إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقه مثل ذلك ثم يكون
مضغة مثل ذلك , ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ,ويؤمر بأربع كلمات :
بكتب رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أم سعيد . فوالله الذي لا إله غيره إن
أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبقعليه
الكتاب فيعمل بعمل أهل النار , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون
بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة
" رواه البخاري ومسلم
*الشرح :
هذا الحديث الخامس من الأحاديث النووية وفيه بيان تطور خلق الإنسان في بطن
أمه وكتابه وأجله ورزقهوغير ذلك .
فيقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه "
حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق
المصدوق " الصادق في قوله المصدوق فيما
أوحي إليه وإنما قد عبدالله بن مسعود هذه المقدمة , لأن هذا من أمور
الغيبالتي لا تعلم إلا بوحي فقال " إن
أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ... الخ
" .
*ففي هذا الحديث من الفوائد : بيان تطور خلقة الإنسان في بطن أمه , وأنه
أربعة أطوار .
الأول : طور النطفة أربعون يوما ...والثاني : طور العلقة أربعون يوما
...والثالث : طور المضغة أربعون يوما ... والرابع : الطور الأخير بعد نفخ
الروح فيه فالجنين يتطور في بطنأمه إلى هذه الأطوار .
*ومن فوائد هذا الحديث : أنالجنين قبل أربعة أشهر لا يحكم بإنه إنسان حي ,
وبناء على ذلك لو سقط قبل تمامأربعة اشهر فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى
عليه , لأنه لم يكن إنسانا بعد .
*ومن فوائد هذا الحديث : أنه بعد أربعة أشهر تنفخفيه الروح ويثبت له حكم
الإنسان الحي , فلو سقط بعد ذلك فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كلما لو كان
ذلك بعد تمام تسعة أشهر .
*ومن فوائد هذا الحديث : أن للأرحام ملكا موكلا بها لقوله :
" فيبعث إليه الملك
" أي الملك الموكل بالأرحام .
*ومن فوائد هذا الحديث : أن أحوال الإنسان تكتب عليه وهو في بطن أمه ..
رزقه .. عمله ..أجله .. شقة أم سعيد , ومنها بيان حكمة الله عزوجل وأن كل
شيء عنده بأجل مقدر وبكتاب ى يتقدم ولا يتأخر .
*ومن فوائد هذا الحديث : أن الإنسان يجب أن يكون على خوف ورهبة , لأن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخبر
" إن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما
يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها
"
*ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا ينبغي لإنسان أن يقطع الرجاء فإنالإنسان قد
يعمل بالمعاصي دهرا طويلا ثم يمن الله عليه بالهداية فيهتدي في آخر عمره .
فإن قال قائل : ما الحكمة في أن الله يخذل هذاالعمل بعمل أهل الجنة حتى ما
يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعملبعمل أهل النار ؟
فالجواب : إن الحكمة في ذلك هو أن هذا الذي يعمل بعمل أهل الجنة إنما يعمل
بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإلافهو في الحقيقة ذو طوية خبيثة ونية
فاسدة , فتغلب هذه النية الفاسدة حتى يختم له بسوء الخاتمة نعو بالله من
ذلك . وعلى هذا فيكون المراد بقوله "
حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع " قرب
أجله لا قربه من الجنة بعمله .
|