|
الفقه |
|
الأدلة الشرعية
الأدلة جمع دليل،
والدليل هو: المرشد إلى المطلوب.
واصطلاحاً: هو ما
يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
فقولنا (بصحيح
النظر )
يخرج فاسده، فلا يسمى دليلاً في الاصطلاح.
قولنا (إلى
مطلوب خبري
) المراد به:
التصديقي، ويدخل فيه ما علم بالقطع أو بالظن عند جمهور
العلماء فلا يشترط فيه اليقين.
والأدلة الشرعية أقسام:
فمنها متفق
عليها، ومنها مختلف فيها، ومنها شاذة غير معتبرة.
1.
فالأدلة المتفق
عليها أربعة:
·
الكتاب الكريم.
·
والسنة النبوية.
·
والإجماع.
·
والقياس .
وهذه الأدلة متفق
عليها في الجملة، ولا يعتبر خلاف من خالف فيها.
2.
وهناك أدلة مختلف
فيها هي موضع نزاع بين العلماء، ومنها:
·
الإجماع السكوتي.
·
وعمل أهل
المدينة.
·
وقول الشيخين(أبي
بكر وعمر
).
·
قول الأربعة
الخلفاء.
·
سد الذرائع.
·
العرف والعادة.
·
وقول الصحابي.
·
والمصالح
المرسلة.
·
وإقرار الله
تعالى في زمن النبوة شرع من قبلنا.
·
الاستصحاب.
·
الاستحسان.
·
الاستقراء.
3.
والأدلة الشاذة
التي لايصح كونها أدلة، وإن ذكرها بعضهم، ومنها:
·
الرؤيا.
·
والإلهام.
·
وقول الإمام
المعصوم.
·
وقول العترة(أهل
البيت ).
الدليل الأول: الكتاب الكريم
تعريفه:
كلام الله المنزل
على النبي صلى الله عليه وسلم المعجز بنفسه المتعبد
بتلاوته.
خصائص القرآن الكريم:
1.
أنه كلام الله
عز وجل لفظا ومعنى.
2.
أنه أصل جميع
الأدلة الشرعية، فحجية السنة أخذت من القرآن: {وما
أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
} [الحشر:
7].ونحوها من الآيات.
وحجية الإجماع من
قوله تعالى: {ومن
يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل
المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم…
} [النساء:
115].
وحجية القياس
أخذت من القرآن مثل قوله: {فاعتبروا
يا أولي الأبصار
} الحشر:2.
وقوله: {كذلك
الخروج }
[ق: 11].
3.
أنه مقدم على
جميع الأدلة الشرعية في الاعتبار لا في الحجية والاستدلال
لحديث معاذ: "بم
تحكم؟ قال: بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول صلى الله
عليه وسلم ….
" رواه أبو داود،
وقال الألباني ضعيف.
4.
أنه معصوم محفوظ
بحفظ الله عز وجل، قال تعالى:{إنا
نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
}.
5.
أنه معجزة محمد
صلى الله عليه وسلم الكبرى.
الدليل الثاني: السنة
السنة لغة:
الطريقة. من سننت
الطريق إذا مررت به وداومت عليه، فلابد من المداومة. وتطلق
السنة على الطريقة سواء كانت محمودة أو غير محمودة.
إطلاقات السنة الشرعية:
تطلق في الشرع
على عدة إطلاقات:
1.
فتطلق على ما
يقابل الكتاب، كقوله صلى الله عليه وسلم: (يؤم
القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم
سواء فأقدمهم هجرة
) رواه مسلم.
2.
وتطلق على ما
يقابل الواجب من أقسام الحكم التكليفي، فيقال: هذا سنة
وهذا واجب.
3.
كما تطلق على ما
يقابل البدعة، فيقال طلاق السنة وطلاق البدعة، ويقال أهل
السنة وأهل البدعة.
تعريف السنة في الاصطلاح العرفي الشرعي العام:
هي ما أثر عن
النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام أو التابعين أو
أحد الأئمة المقتدى بهم في الدين، يقال سنة أبي بكر وسنة
عمر رضي الله عنهما.
تعريف السنة عند المحدثين:
هي ما أثر عن
النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة
أو خَليقة أو خُلقية أو سيرة قبل البعثة أو بعدها.
والسنة عند الأصوليين:
قول النبي صلى
الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره أو همه.
مكانة السنة في التشريع:
1.
أنها الدليل
الثاني من الأدلة الشرعية بعد القرآن، والمصدر الثاني من
مصادر التشريع.
2.
أنها معصومة من
الخطأ، لأنها وحي بدليل قوله تعالى: {وما
ينطق عن الهوى
*
إن هو إلا وحي يوحى
} [النجم: 3-4].
3.
أن السنة في
الحجية كالقرآن.
4.
أنها أصل لبعض
الأدلة الشرعية الأخرى المختلف فيها.
5.
أن فيها أكثر
تفاصيل الدين خلاف القرآن، فإنه يكثر فيه الإجمال.
حجية السنة واستقلالها بالتشريع.
هي حجة باتفاق
العلماء، كما أنها مستقلة بالتشريع بإجماع المسلمين، ولم
يخالف في ذلك إلا الزنادقة ومن يسمون أنفسهم بالقرآنيين.
وأدلة حجيتها واستقلالها ما يلي:
1.
قوله تعالى: {وما
آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
} [الحشر:7]. وجه
الدلالة: أنه أمر بطاعة الرسول من دون اشتراط أن تكون
السنة موافقة للقرآن الكريم.
2.
قوله تعالى: {إن
كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
} [آل
عمران:31].
3.
قوله: {فليحذر
الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم
} النور:63. وجه
الدلالة: أنه رتب الوعيد الشديد على مخالفة الرسول صلى
الله عليه وسلم بمفرده.
4.
ما رواه أبو داود
عن المقدام بن معد بكرب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
(ألا
إني أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان متكيء على
أريكته يقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما كان فيه من حرام
حرمنا وما كان فيه من حلال حللناه، ألا لا يحل لحم الحمار
الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع
)، والحديث رواه
الترمذي من رواية أبي رافع رضي الله عنه وقال: حديث حسن
صحيح.
أما الزنادقة ومن
يسمون أنفسهم بالقرآنيين، الذين ينفون حجية السنة، فقد
استدلوا بحديث ثوبان مرفوعاً: (ما
أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما كان فيه فأنا قلته
وما لم يكن فيه فأنا لم أقله
) قال ابن المهدي
وغيره: "حديث
موضوع وضعته الزنادقة"
. وقال ابن معين:
"وضعته
الزنادقة
".
الدليل الثالث : الإجماع
تعريف الإجماع :
في الغة: العزم
والاتفاق.
وفي الاصطلاح:
اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد عصر النبوة
على أمر شرعي.
حجية الإجماع :
اتفق العلماء
المعتبرون من أهل السنة والجماعة على اعتبار الإجماع
والاحتجاج به.
ومن أدلته من
القرآن:
1.
قول الله عز وجل:
{ومن
يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل
المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً
} [النساء:
115].
2.
قوله تعالى: {كنتم
خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر…
} [آل عمران:
110].
وجه الدلالة: أن
الله وصف هذه الأمة بالخيرية فلو اتفقت الأمة على منكر
لكان هذا نقضاً لمدلول الآية، فدل ذلك على أن الأمة لا
يمكن أن تتفق على منكر أو خطأ.
3.
حديث ابن عمر
مرفوعا : (لا
تجتمع هذه الأمة على ضلالة أبدا
ً) رواه الترمذي
وفي سنده ضعف، وحسنه ابن حجر بمجموع طرقه.
4.
حديث ثوبان أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا
تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا
من خالفهم حتى يأتي أمر الله
) متفق عليه. وجه
الدلالة: إذا أجمعت الأمة فلا بد أن تكون معهم الطائفة
القائلة بالحق.
أنواع الإجماع:
نوعان:
1.
إجماع قطعي
2. إجماع ظني.
1.
الإجماع القطعي :
وهو ما كان معلوماً من الدين بالضرورة، كإجماع العلماء على
وجوب الصلاة والزكاة وتحريم الربا والزنا وقتل النفس.
2.
الإجماع الظني
:وهو ما علم بالتتبع والاستقراء، وهو الذي ينقله كثير من
العلماء المشهورين بنقل الإجماع، كابن المنذر وابن عبد
البر والنووي وابن رشد والقرطبي وابن قدامة وابن حزم، وبعض
العلماء يعبر عن هذا النوع بقوله: لا أعلم فيه خلافاً.
الدليل الرابع: القياس
تعريف القياس:
في الغة: مأخوذ
من المساواة والتقدير، تقول قست الثوب بالذراع أي قدرته
وساويته به.
واصطلاحاً: حمل
فرع على أصل في حكم لعلة جامعة بينهما.
حجية القياس:
هو حجة عند جمهور
العلماء، ولم يخالف فيه إلا الظاهرية والنظام وبعض
المعتزلة وبعض الشيعة، والصحيح هو القول بحجية القياس،
وخلاف هؤلاء غير معتبر.
أدلة حجيته:
من أدلة حجية
القياس ما يلي:
1.
قوله تعالى: {الله
الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان
} [الشورى: 17].
الميزان هو الذي
توزن به الأمور وتقاس به.
2.
قوله تعالى: {قل
يحييها الذي أنشأها أول مرة
} [يس: 79].
حيث قاس إعادة
الخلق على بدء الخلق، وهذا قياس توفرت فيه أركان القياس،
فالأصل هو قدرة الله على بدء الخلق والفرع هو إعادة الخلق،
والحكم هو قدرة الله على الإعادة.
3.
قوله تعالى: {كذلك
الخروج }
[ق: 11]، وهذه بمعنى الآية السابقة.
4.
قوله تعالى: {فاعتبروا
يا أولى الأبصار
} [الحشر: 2]،
والاعتبار: قياس الشيء بالشيء.
5.
حديث ابن عباس في
قصة المرأة الخثعمية التي قالت: "يا
رسول الله إن أمي ماتت وقد نذرت أن تحج ولم تحج، أفأحج
عنها، فقال صلى الله عليه وسلم
: (أرأيت
لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا دين الله فالله أحق
بالقضاء
)" رواه البخاري.
6.
حديث عمر قال: يا
رسول الله أتيت أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم ؟ فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيت
لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ ، قال عمر: لا بأس بذلك، قال
صلى الله عليه وسلم: ففيم ؟
) رواه أحمد
وصححه الحاكم وابن خزيمة، وصححه الأعظمي.
7.
إجماع الصحابة
رضي الله عنهم على القياس، فقد ورد عنهم قضايا كثيرة
احتجوا فيها بالقياس واستدلوا عليها به.
أركان القياس :
قيل أربعة أركان ، وقيل ثلاثة، وقيل اثنان، وقيل واحد،
والمشهور أنها أربعة أركان:
الأول: الأصل.
الثاني: الفرع.
الثالث: العلة.
الرابع: حكم
الأصل.
ومن أمثلته: قياس
النبيذ على الخمر في التحريم، والعلة الجامعة هي الإسكار،
ومثلها قياس الحبوب المخدرة على تحريم الخمر. ومن الأمثلة:
حديث الخثعمية والعلة: عدم التأثير وأنها مجرد مقدمات،
فالمضمضة مقدمة للشرب، والتقبيل مقدمة للجماع.
شروط القياس :
شروط حكم الأصل:
1.
أن يكون حكم
الأصل ثابتاً لا منسوخاً.
2.
أن يكون حكم
الأصل ثابتاً بنص من كتاب أو سنة. أما إذا كان ثابتا بقياس
فلا يصح القياس عليه عند بعض العلماء، وإنما يعدل إلى أصل
ذلك القياس. مثال ذلك: قياس الذرة على الأرز في جريان
الربا، والعلة هي الطعم، وهذا قياس غير صحيح لأن الأرز غير
ثابت بنص، بل هو مقيس على البر.
|